تختلف هجرةُ الشعراء عن غيرهم، فهي ليست سفراً خارج الجغرافيا فقط، بل خارج اللغة وفيها، خارج اللغة المتداولة، اللغة التي تعكس العالم في مرآة العادة والتكرار، وداخل اللغة التي ترسم صورة جديدة للعالم حين تخلق الواقع من جديد. ومن أعظم فضائل الشعر على القارئ أنه يساعده على أن يرى اللامألوف ويضعه وجهاً لوجه مع المجهول، وكلمة مجهول قد تبدو كبيرة هنا ولكن يمكن اختصارها إلى الأشياء المألوفة وقد خرجت من ألفتها ورسمت معها الكلمات علاقات جديدة، وضعتها في سياق جديد. فتتجدد اللغة عبر هذا اللعب الإبداعي الذي يهدم ما هو مألوف في حياتنا ويبنيه في صورة جديدة كي يُغنيها. والهجرة التي تعيش في جوهر القصيدة المغايرة لا حياة للقصيدة من دونها، فالنص كالكائن يحتاج إلى سفر خارج تراثه ومحيطه كي يفتح أفقاً جديداً لهما. هذا ما فعله الشعراء المجددون في اللغات كلها، الذين أحدثوا ثورة في اللغة الشعرية، وهذا ما يجب أن يفعله الشعراء دوماً وفي جميع اللغات. ويكفي أن نعود إلى ما يقوله الشعراء أنفسهم كي نؤكد ما نذهب إليه. فالشعر هو التغاير والاختلاف والانزياح والابتعاد وقد مُنح شكلاً فنياً يعكس فرادة الأسلوب وقوة التعبير، ولهذا قُسم الشعراء إلى كبار وصغار، إلى مقلدين ومجددين، و إلى ثائرين على التقاليد الأدبية ومذعنين مكررين لها، غير أن هذه التصنيفات دوماً مجحفة وتضيع في سياقها التفاصيل الصغيرة، إذ كم من قصيدة رائعة ضاعت في هذه المقارنات لشعراء لم يُصنفوا كباراً أو فحولاً، وكم ظلم الإعلام الذي يمجد شعراء بعينهم شعراء آخرين. هنا يلعب واضعو المختارات الشعرية الذين يتمتعون بذائقة رفيعة ويعرفون ما هو الشعر الإبداعي دوراً مهماً. كما يلعب الشعراء أنفسهم دوراً مهماً في خدمة الشعراء والتنقيب عن الأصوات الإبداعية. ومَنْ غير الشعراء يبحث عن الشعراء؟ فكتابة الشعر تقتضي هذا، أن
تختلف هجرةُ الشعراء عن غيرهم، فهي ليست سفراً خارج الجغرافيا فقط، بل خارج اللغة وفيها، خارج اللغة المتداولة، اللغة التي تعكس العالم في مرآة العادة والتكرار، وداخل اللغة التي ترسم صورة جديدة للعالم حين تخلق الواقع من جديد. ومن أعظم فضائل الشعر على القارئ أنه يساعده على أن يرى اللامألوف ويضعه وجهاً لوجه مع المجهول، وكلمة مجهول قد تبدو كبيرة هنا ولكن يمكن اختصارها إلى الأشياء المألوفة وقد خرجت من ألفتها ورسمت معها الكلمات علاقات جديدة، وضعتها في سياق جديد. فتتجدد اللغة عبر هذا اللعب الإبداعي الذي يهدم ما هو مألوف في حياتنا ويبنيه في صورة جديدة كي يُغنيها. والهجرة التي تعيش في جوهر القصيدة المغايرة لا حياة للقصيدة من دونها، فالنص كالكائن يحتاج إلى سفر خارج تراثه ومحيطه كي يفتح أفقاً جديداً لهما. هذا ما فعله الشعراء المجددون في اللغات كلها، الذين أحدثوا ثورة في اللغة الشعرية، وهذا ما يجب أن يفعله الشعراء دوماً وفي جميع اللغات. ويكفي أن نعود إلى ما يقوله الشعراء أنفسهم كي نؤكد ما نذهب إليه. فالشعر هو التغاير والاختلاف والانزياح والابتعاد وقد مُنح شكلاً فنياً يعكس فرادة الأسلوب وقوة التعبير، ولهذا قُسم الشعراء إلى كبار وصغار، إلى مقلدين ومجددين، و إلى ثائرين على التقاليد الأدبية ومذعنين مكررين لها، غير أن هذه التصنيفات دوماً مجحفة وتضيع في سياقها التفاصيل الصغيرة، إذ كم من قصيدة رائعة ضاعت في هذه المقارنات لشعراء لم يُصنفوا كباراً أو فحولاً، وكم ظلم الإعلام الذي يمجد شعراء بعينهم شعراء آخرين. هنا يلعب واضعو المختارات الشعرية الذين يتمتعون بذائقة رفيعة ويعرفون ما هو الشعر الإبداعي دوراً مهماً. كما يلعب الشعراء أنفسهم دوراً مهماً في خدمة الشعراء والتنقيب عن الأصوات الإبداعية. ومَنْ غير الشعراء يبحث عن الشعراء؟ فكتابة الشعر تقتضي هذا، أن
Love
1
0 Comments 0 Shares 33 Views 0 Reviews