ليست المشكلة في العودة إلى الفلاسفة السابقين، بل في طريقة العودة وطريقة المعالجة. أن تكون ديكارتيًّا أو هيغليًّا أو حتى أفلاطونيًّا، فهذا يعني أنّك وجدت شيئًا ما خالدًا عند ديكارت أو عند هيغل أو عند أفلاطون وما زال صالحًا للاستثمار والتوظيف والاستخدام في إنتاج قولٍ فلسفيٍّ معاصرٍ، وإنْ كان بتعديله وتحويره.
يفاجئنا دولوز، وهو المشهور بمعارضته الشديدة لديكارت وثنائيّاته، ورفضه التام لهيغل وجدله وعمل السالب لديه، وحتى بانتقاده أفلاطون عبر حديثه مثلًا عمّا يمكن أن يعنيه قلب الأفلاطونيّة عند نيتشه، بالتأسيس على هؤلاء الفلاسفة وإعطائهم حيِّزًا كبيرًا من كتابه الأخير (ما الفلسفة؟)، إذ ضرب أمثلةً كثيرةً عنهم لا سيما عن ديكارت، لإثبات وجهة نظره في الفلسفة وفي ما يمكن أن تعنيه الفلسفة اليومَ، بعد كلّ الزوغان الذي أصابها.
في رأيي، لا تنفصل الفلسفة عن تاريخها. فهي تجرّه معها كما تجرّ الأرض ظلّها في الفضاء، فلا فلسفةَ ولا تفلسفَ من دون الاطلاع بما يكفي على تاريخ الفلسفة. لكنّ الفلسفة تجرُّ معها تاريخًا من الأنقاض يتضمّن جواهرَ متفرِّقةً مضيئة. يا لحسن الحظ! إنّ هذه الأنقاض تبقى مضيئةً وصالحةً للاستخدام في أيّ بنيانٍ فلسفيٍّ جديدٍ، في أيّ عمارةٍ أو أنظومةٍ فلسفيّةٍ جديدة، يرتئي الفيلسوف أنّها تمثّل وجهة نظرٍ فلسفيّة تناسب العصر وتصلح له وتُجيب عن مشكلاته التي على الفيلسوف أن يُحسن صياغتها.
وعليه، فإنّ السؤال الذي علينا طرحه: بأيّ معنًى يكون ديكارت صالحًا للعصر لنكون ديكارتيّين جُدُدًا؟ وبأيّ معنًى يكون أفلاطون صالحًا للعصر لنكون أفلاطونيّين جدُدًا؟ وبأيّ معنًى يكون هيغل صالحًا لنكون هيغليّين جدُدًا؟
هنا تأتي عبقريّة الفيلسوف الذي يعي عصره ويتابع ما يجري في العلوم والفنون والحياة العامّة، وفي الوقت نفسه يفتّش عن الجواهر الخالدة عند هذا الفيلسوفٍ أو ذاك ليعيد إنتاج الفلسفة بها. أمّا إذا أردنا أن نعود إلى الماضي من دون أن نعرف كيف نبثّ فيه الحياة من جديد، فهذا يعني أنّا نجلُب مومياوات الماضي لإخافة المعاصرين.
وعليه، فإنّ مشكلتنا تكمن في الإبداع وليس في العودة إلى الفلاسفة والمفكرين السابقين أو في تبنّي وجهة نظر المعاصرين. وشرط التفلسف هو الاختلاف عمّن سبَقنا وعمّن يعاصرنا.
ليست المشكلة في العودة إلى الفلاسفة السابقين، بل في طريقة العودة وطريقة المعالجة. أن تكون ديكارتيًّا أو هيغليًّا أو حتى أفلاطونيًّا، فهذا يعني أنّك وجدت شيئًا ما خالدًا عند ديكارت أو عند هيغل أو عند أفلاطون وما زال صالحًا للاستثمار والتوظيف والاستخدام في إنتاج قولٍ فلسفيٍّ معاصرٍ، وإنْ كان بتعديله وتحويره. يفاجئنا دولوز، وهو المشهور بمعارضته الشديدة لديكارت وثنائيّاته، ورفضه التام لهيغل وجدله وعمل السالب لديه، وحتى بانتقاده أفلاطون عبر حديثه مثلًا عمّا يمكن أن يعنيه قلب الأفلاطونيّة عند نيتشه، بالتأسيس على هؤلاء الفلاسفة وإعطائهم حيِّزًا كبيرًا من كتابه الأخير (ما الفلسفة؟)، إذ ضرب أمثلةً كثيرةً عنهم لا سيما عن ديكارت، لإثبات وجهة نظره في الفلسفة وفي ما يمكن أن تعنيه الفلسفة اليومَ، بعد كلّ الزوغان الذي أصابها. في رأيي، لا تنفصل الفلسفة عن تاريخها. فهي تجرّه معها كما تجرّ الأرض ظلّها في الفضاء، فلا فلسفةَ ولا تفلسفَ من دون الاطلاع بما يكفي على تاريخ الفلسفة. لكنّ الفلسفة تجرُّ معها تاريخًا من الأنقاض يتضمّن جواهرَ متفرِّقةً مضيئة. يا لحسن الحظ! إنّ هذه الأنقاض تبقى مضيئةً وصالحةً للاستخدام في أيّ بنيانٍ فلسفيٍّ جديدٍ، في أيّ عمارةٍ أو أنظومةٍ فلسفيّةٍ جديدة، يرتئي الفيلسوف أنّها تمثّل وجهة نظرٍ فلسفيّة تناسب العصر وتصلح له وتُجيب عن مشكلاته التي على الفيلسوف أن يُحسن صياغتها. وعليه، فإنّ السؤال الذي علينا طرحه: بأيّ معنًى يكون ديكارت صالحًا للعصر لنكون ديكارتيّين جُدُدًا؟ وبأيّ معنًى يكون أفلاطون صالحًا للعصر لنكون أفلاطونيّين جدُدًا؟ وبأيّ معنًى يكون هيغل صالحًا لنكون هيغليّين جدُدًا؟ هنا تأتي عبقريّة الفيلسوف الذي يعي عصره ويتابع ما يجري في العلوم والفنون والحياة العامّة، وفي الوقت نفسه يفتّش عن الجواهر الخالدة عند هذا الفيلسوفٍ أو ذاك ليعيد إنتاج الفلسفة بها. أمّا إذا أردنا أن نعود إلى الماضي من دون أن نعرف كيف نبثّ فيه الحياة من جديد، فهذا يعني أنّا نجلُب مومياوات الماضي لإخافة المعاصرين. وعليه، فإنّ مشكلتنا تكمن في الإبداع وليس في العودة إلى الفلاسفة والمفكرين السابقين أو في تبنّي وجهة نظر المعاصرين. وشرط التفلسف هو الاختلاف عمّن سبَقنا وعمّن يعاصرنا.
0 التعليقات 0 المشاركات 23 مشاهدة 0 معاينة